﴿ولِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ﴾ وليذل اليهود ويغيظهم أذن في قطعها، وذلك: أن رسول الله ﷺ حين أمر أن تقطع نخلهم وتحرق قالوا: يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد في الأرض، فما بال قطع النخل وتحريقها؟ فكان في نفس المؤمنين من ذلك شيء. فنزلت.
يعني: إن الله أذن لهم في قطعها ليزيدكم غيظًا، ويضاعف لكم حسرة إذا رأيتموهم يتحكمون في أموالكم كيف أحبوا ويتصرفون فيها ما شاؤوا.
واتفق العلماء أن حصون الكفرة وديارهم لا بأس بأن تهدم وتحرق وتغرق وترمى بالمجانيق، وكذلك أشجارهم لا بأس بقلعها مثمرة كانت أو غير مثمرة. وعن ابن مسعود: قطعوا منها ما كان موضعًا للقتال.
فإن قلت: لم خصت اللينة بالقطع؟
قلت: إن كانت من الألوان فليستبقوا لأنفسهم العجوة والبرنية،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهل علينا في ما تركنا وزر؟ فأنزل الله تعالى: ﴿مَا قَطَعْتُم﴾ الآية، ورواه الإمام أحمد بن حنبل عن ابن عمر.
وقول المصنف: "ويتصرفون فيها ما شاؤوا"، إشارة إلى هذا المعنى.
قوله: (وليذل اليهود ويغيظهم)، هذا تأويل لقوله: ﴿ولِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ﴾، وفيه أن ﴿الفَاسِقِينَ﴾ مظهر وضع موضع المضمر، والمعلل محذوف بدلالة سياق الآية، والجملة معطوفة على ما قبلها.
قوله: (فليستبقوا)، قيل: لام التعليل والأمر تسكن بعد الفاء والواو، وتحرك بعد "ثم".


الصفحة التالية
Icon