[﴿والَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ والإيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إلَيْهِمْ ولا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ ٩]
﴿والَّذِينَ تَبَوَّءُوا﴾ معطوف على ﴿المُهَاجِرِينَ﴾، وهم الأنصار.
فإن قلت: ما معنى عطف الإيمان على الدار، ولا يقال: تبوؤا الإيمان؟
قلت: معناه تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان، كقوله:
علفتها تبنا وماء باردًا
أو: وجعلوا الإيمان مستقرا ومتوطنًا لهم لتمكنهم منه واستقامتهم عليه، كما جعلوا المدنية كذلك. أو أراد دار الهجرة ودار الإيمان، فأقام"لام التعريف" في ﴿الدَّارِ﴾ مقام المضاف إليه، وحذف المضاف من دار الإيمان، ووضع المضاف إليه مقامه، أو سمى المدينة لأنها دار الهجرة ومكان ظهور الإيمان بالإيمان، ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ من قبل المهاجرين؛ لأنهم سبقوهم في تبوؤ دار الهجرة والإيمان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان)، وحاصل الوجوه الأربعة يعود إلى عطف الإيمان على الدار إما من باب التقدير أو الانسحاب، والإيمان إما مجرى على حقيقته أو استعارة، ففي الوجه الأول: الإيمان حقيقة والعطف من باب التقدير، لكن يقدر بحسب السابق، (الانسحاب)، والإيمان على الوجه الثاني استعارة مكنية، وعلى الثاني والرابع العطف للانسحاب، وعلى الثالث مجاز أضيف بأدنى ملابسة، وعلى الرابع استعارة مصرحة تحقيقية.
فإن قلت: بين لي مخرج الاستعارتين وتصحيحهما.
قلت: شبه في الوجه الأول الإيمان من حيث إن المؤمنين من الأنصار تمكنوا فيه تمكن المالك


الصفحة التالية
Icon