..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتسلط في مكانه ومستقره، بمدينة من المدائن الحصينة، بتوابعها ومرافقه، ثم خيل أن الإيمان بعينها تخييلًا محضًا، فأطلق على المتخيل اسم الإيمان المشبه، وجعلت القرينة نسبة التبوء اللازم للمشبه به إليه على سبيل الاستعارة التخييلية، لتكون مانعة لإرادة الحقيقة، وعلى الرابع شبهت طيبة- أي: مدينة خير الرسل صلوات الله عليه لكونها دار الهجرة ومكان ظهور الإيمان- بالتصديق الصادر من المخلص المحلى بالعمل الصالح، ثم أطلق اسم الإيمان على مدينة الرسول ﷺ بوساطة نسبة التبوء إليه، وهي استعارة مصرحة تحقيقية، لأن المشبه المتروك وهو المدينة حسي، والجامع النجاة من مخاوف الدارين؛ ففي الأول المبالغة والمدح يعود إلى سكان المدينة أصالة، وفي الثاني العكس، والأول أدعى لاقتضاء المقام؛ لأن الكلام وارد في مدح الأنصار الذين بذلوا مهجهم وأموالهم في نصرة الله ونصرة رسوله، وهم الذين آووه ونصروه.
فإن قلت: يلزمك من القول بالانسحاب استعمال الكلمة الواحدة في الحقيقة والمجاز معًا.
قلت: أجعلها مجازًا في مطلق اللزوم والثبات ولا أبالي بذلك كما مر مرارًا.
فإن قلت: فما تصنع بقوله: ﴿مِن قَبْلِهِمْ﴾ فإنه يؤدي إلى أن الأنصار سبقوا المهاجرين في الإيمان، ولذلك قال المصنف: "سبقوهم في دار الهجرة والإيمان"، أي: دار الإيمان.
قلت: قال الواحدي: تقدير الآية: والذين تبوءوا الدار من قبلهم والإيمان، لأن الأنصار لم يؤمنوا قبل المهاجرين، ويمكن أن يقال: إنا ذكرنا أن التقدير أنهم تمكنوا في الإيمان تمكن المالك في ملكه لا يزعجهم عنه منازع، ولا شك أن المهاجرين قبل الهجرة كانوا في تقية وخوف من المشركين، ولذلك هاجروا الهجرتين، ولم يوجد لهم ذلك التمكن إلا بعد الاستقرار في


الصفحة التالية
Icon