[﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ٢١]
هذا تمثل وتخييل، كما مر في قوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ﴾ [الأحزاب: ٧٢] وقد دل عليه قوله: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ﴾ [العنكبوت: ٤٣]، والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه، وقلة تخشعه عند تلاوة القرآن وتدبر قوارعه وزواجره.
وقرئ: (مصدعًا) على الإدغام، ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ﴾ إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله في مواضع من التنزيل.
[﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلاَّ هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلاَّ هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ وهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ ٢٢ - ٢٤]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كما مر في قوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ﴾) أي: في أحد وجهيه، وهو: أن يراد ما كلفه الإنسان من عظمه وثقل محمله، على أنه عرض على أعظم خلق الله من الأجرام وأقواه فأبى حمله، وكذلك مثل حالة عظمة كلام الله المجيد وجلالة تنزيله، وأن شأن القرآن كذا وكذا، بالحالة المفروضة للجبال، وهي حصول صدعها من خشية الله عند نزوله.
قال الواحدي: وبيانه: لو جعل في الجبل تمييز وأنزل عليه القرآن لخشع وتشقق من خشية الله، والمعنى: أن الجبل مع قساوته وصلابته يتشقق من خشية الله، حذرًا من أن لا يؤدي حق الله في تعظيم القرآن، والكافر مستخف بحقه، معرض عما فيه من العبر كأن لم يسمعها.
وقلت: هذا معنى قوله: ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ أي: خاسر به.


الصفحة التالية
Icon