من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهاليهم وأموالهم غيري، فخشيت على أهلي، فأردت أن أتخذ عندهم يدًا، وقد علمت أن الله تعالى ينزل عليهم بأسه، وأن كتابي لا يغني عنهم شيئًا فصدقه وقبل عذره، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق؛ فقال: "وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ففاضت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم، فنزلت.
عدى"اتخذ" إلى مفعوليه، وهما ﴿عَدُوِّي﴾، ﴿أَوْلِيَاءَ﴾. والعدو: فعول، من عدا؛ ك"عفو" من"عفا"؛ ولكونه على زنة المصدر أوقع على الجمع إيقاعه على الواحد.
فإن قلت: ﴿تُلْقُونَ﴾ بم يتعلق؟
قلت: يجوز أن يتعلق بـ ﴿لا تَتَّخِذُوا﴾ حالا من ضميره؛ وبـ ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ صف'ًله. ويجوز أن يكون استئنافًا.
فإن قلت: إذا جعلته صفةً لـ ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ وقد جرى على غير من هو له، فأين الضمير البارز وهو قولك: تلقون إليهم أنتم بالمودة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجوهري: العرير: الغريب في الحديث، وبالغين المعجمة: غير المجرب، والأول أصح دراية.
قوله: (لعل الله قد اطلع)، أي: علم أحوالهم في ذلك الوقت ومقادير أعمالهم وما يحصل لهم من الثواب في ذلك اليوم، بحيث يكون غافرًا معه جميع ذنوبهم التي ستوجد، لأن ذلك قطب الأمر، والمراد بقوله: "اعملوا ما شئتم": الذنوب غير المنصوص عليها.
قوله: (استئنافًا)، كأنه لما قيل: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ قالوا: كيف نتخذهم أولياء؟ فقيل: ﴿تُلْقُونَ إلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ﴾.


الصفحة التالية
Icon