وصرحوا بأن سبب عداوتهم وبغضائهم ليس إلا كفرهم بالله؛ وما دام هذا السبب قائمًا كانت العداوة قائمةً، حتى إن أزالوه وآمنوا بالله وحده انقلبت العداوة موالاةً، والبغضاء محبةً، والمقت مقةً، فأصبحوا عن محض الإخلاص.
ومعنى ﴿كَفَرْنَا بِكُمْ﴾ وبما تعبدون من دون الله: أنا لا نعتد بشأنكم ولا بشأن آلهتكم، وما أنتم عندنا على شيء.
فإن قلت: مم استثني قوله: ﴿إلاَّ قَوْلَ إبْرَاهِيمَ﴾؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وصرحوا بأن سبب عداوتهم وبغضائهم ليس إلا بكفرهم بالله)، وهو نظير ما سبق من قولنا: "لما كان ردهم كفارًا أشد متمناهم، وأهم شيء عندهم لانحسام مادة العداوة به"، وفيه إيماء إلى قصة الخليل، والتحريض على الائتساء به وإنما جيء بها بيانًا للمكافأة وانتهازًا للفرصة قبل فرصة الكفار، يعني: إذا كان عداوتهم والضرب والقتل والشتم لأجل أنكم تركتم دينهم وآمنتم بالله، وأنهم إنما يعادونكم لأجل ذلك، وهم مترصدون إظهار كل ذلك، وأهم من ذلك ردكم كفارًا لانحسام مادة العداوة به، فاستبقوا أنتم واقتدوا بخليل الله، فكاشفوهم بالعداوة وأظهروا البغضاء والمقت، وصرحوا بأن سبب عداوتنا أيضًا ليس إلا كفركم بالله، وما دام هذا السبب قائمًا كانت العداوة قائمة، حتى إن أزلتموه انقلبت العداوة موالاة.
قوله: (مقة)، الجوهري: المقة: المحبة، والهاء عوض من الواو، وقد ومقه يمقه بالكسر فيهما، أي: أحبه، فهو وامق.
قوله: (إنا لا نعتد بشأنكم)، يريد أنه تعالى أوقع كفرنا على الكفار وعلى معبوديهم، والثاني ظاهر، نحوه قوله: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾ [البقرة: ٢٥٦]، والأول مجاز فينبغي أن يعبر بالكفر


الصفحة التالية
Icon