قلت: من قوله: ﴿أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، لأنه أراد بالأسوة الحسنة قولهم الذي حق عليهم أن يأتسوا به ويتخذوه سنةً يستنون بها.
فإن قلت: فإن كان قوله ﴿لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ مستثنىً من القول الذي هو أسوة حسنة، فما بال قوله: ﴿ومَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ وهو غير حقيق بالاستثناء؟ ! ألا ترى إلى قوله: ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [المائدة: ١٧]؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن معنى يجمع المعنيين، ولا يلزم إرادة الحقيقة والمجاز معًا من لفظ واحد، وذلك هو الاعتداد؛ لاستلزام الكفر بالشيء عدم الاعتداد به.
قوله: (من قوله: ﴿أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، لأنه أراد بالأسوة الحسنة قولهم)، والظاهر أنه استثناء منقطع من "قوم"، لاختلاف القولين، قال في قوله: ﴿قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * إِلَّا آَلَ لُوطٍ﴾ [الحجر: ٥٨ - ٥٩]: "استثناء منقطع من ﴿قَوْمِ﴾؛ لأن القوم موصوفون بالإجرام، فاختلف لذلك الجنسان".
قال أبو البقاء: ﴿إلاَّ قَوْلَ﴾، هو استثناء من غير الجنس، أي: لا تأتسوا به في استغفار الكفار. قال صاحب"التيسير": الاستثناء منقطع، وتقديره: لكن ﴿قَوْلَ إبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ الآية، كان لموعدة وعدها إياه، فظن أنه قد أنجزها، فلما تبين إصراره تبرأ منه، ولا يحل لكم ذلك مع عملكم، وتحقيق القول فيه سبق في سورة مريم.
وقال محيي السنة: لكم أسوة حسنة في إبراهيم وأموره، إلا في استغفاره لأبيه المشرك، فعلى هذا الاستثناء متصل.
قوله: (وهو غير حقيق بالاستثناء)، لأن الاقتداء في هذا القول حسن، ألا ترى إلى


الصفحة التالية
Icon