﴿إذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ﴾ سماهن مؤمنات لتصديقهن بألسنتهن ونطقهن بكلمة الشهادة ولم يظهر منهن ما ينافي ذلك، أو لأنهن مشارفات لثبات إيمانهن بالامتحان ﴿فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ فابتلوهن بالحلف والنظر في الأمارات ليغلب على ظنونكم صدق إيمانهن.
وكان رسول الله ﷺ يقول للممتحنة: "بالله الذي لا إله إلا هو، ما خرجت من بغض زوج؟ بالله ما خرجت رغبةً عن أرض إلى أرض؟ بالله ما خرجت التماس دنيا؟ بالله ما خرجت إلا حبًا لله ولرسوله؟ ". ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِإيمَانِهِنَّ﴾ منكم لأنكم لا تكسبون فيه علمًا تطمئن معه نفوسكم، وإن استحلفتموهن ورزتم أحوالهن، وعند الله حقيقة العلم به، ﴿فَإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ﴾ العلم الذي تبلغه طاقتكم وهو الظن الغالب بالحلف وظهور الأمارات ﴿فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الكُفَّارِ﴾ فلا تردوهن إلى أزواجهن المشركين؛ لأنه لا حل بين المؤمنة والمشرك. ﴿وآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا﴾ وأعطوا أزواجهن مثل ما دفعوا إليهن من المهور. وذلك أن صلح الحديبية كان على: أن من أتاكم من أهل مكة رد إليهم، ومن أتى مكة منكم لم يرد إليكم؛ وكتبوا بذلك كتابًا وختموه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولم يظهر)، قيل: يجوز أن يكون حالًا من فاعل "تصديقهن"، وأن يكون عطفًا على "تصديقهن".
قوله: (لأنه لا حل بين المؤمنة والمشرك)، الانتصاف: يستدل بهذه الآية على أن الكفار مخاطبون بالفروع لأن الضمير الأول للمؤمنات، والثاني للكفار، وفر الزمخشري من ذلك لأن أبا حنيفة رضي الله عنه لا يرى حملها على نفي الحل بين المؤمنة والكافر، حتى لا يتمحض نسبة الحرمة لكافر، ولا مخلص له، فإن الحل لابد أن يضاف إلى فعل أحدهما أو كليهما، فإن تعلق بكل واحد منهما حصل المقصود، وتعليقه بفعل المرأة دون فعل الرجل يخالف الآية، فإنها صرحت بنفي الحل من الجهتين فكان يكفي: ﴿ولا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾. والحق أن كل واحد من فعلي المؤمنة والكافر ينتفي عنه الحل، أما فعل المؤمنة فتعلق به الحرمة لأنها مخاطبة، وأما


الصفحة التالية
Icon