فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمةً والنبي ﷺ بالحديبية، فأقبل زوجها مسافر المخزومي- وقيل: صيفي بن الراهب- فقال: يا محمد، اردد علي امرأتي، فإنك قد شرطت لنا ترد علينا من أتاك منا، وهذه طينة الكتاب لم تجف، فنزلت، بيانًا لأن الشرط إنما كان في الرجال دون النساء.
وعن الضحاك: كان بين رسول الله ﷺ وبين المشركين عهد: أن لا تأتيك منا امرأة ليست على دينك إلا رددتها إلينا، فإن دخلت في دينك ولها زوج أن ترد على زوجها الذي أنفق عليها، وللنبي ﷺ من الشرط مثل ذلك.
وعن قتادة: ثم نسخ هذا الحكم وهذا العهد ﴿بَرَاءَةٌ﴾، فاستحلفها رسول الله ﷺ فحلفت، فأعطى زوجها ما أنفق وتزوجها عمر.
فإن قلت: كيف سمى الظن علمًا في قوله: ﴿فَإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ﴾؟
قلت: إيذانًا بأن الظن الغالب وما يفضي إليه الاجتهاد والقياس جار مجرى العلم، وأن صاحبه غير داخل في قوله: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء: ٣٦].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل الكافر- وهو الوطء مثلًا- فمنفي الحل باعتبار أن هذا الوطء مشتمل على المفسدة فليس الكفار مورد الخطاب، لكن الأئمة أو من قام مقامهم مخاطبون أن يمنعوا هذا الفعل من الوقوع، لكن المخاطب في حق المؤمنة هي، وفي حق الكافر الأئمة، والكافر إذا أظهر الفساد بين المسلمين وجب منعه، لأن الشرع أمر بإخلاء الوجود من المفاسد.
وقلت: تحرير ما قال: إن قوله: ﴿لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ ولا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾، دل بمفهومه أنه لا حل بين المؤمنة والمشرك، فأخذ المصنف به وترك دلالة منطوقة ولا ينفعه ذلك؛ لأن الذهاب إلى دلالة المنطوق أظهر، وإليه أومأ بقوله: "ولا مخلص له"، إلى آخره.


الصفحة التالية
Icon