قيل: إنما قال: ﴿يَا بَنِي إسْرَائِيلَ﴾ ولم يقل: يا قوم، كما قال موسى؛ لأنه لا نسب له فيهم فيكونوا قومه. والمعنى: أرسلت إليكم في حال تصديقي ما تقدمني ﴿مِنَ التَّوْرَاةِ﴾ وفي حال تبشيري ﴿بِرَسُولٍ يَاتِي مِنْ بَعْدِي﴾ يعني: أن ديني التصديق بكتب الله وأنبيائه جميعًا ممن تقديم وتأخر. وقرئ: ﴿مِنْ بَعْدِي﴾ بسكون الياء وفتحها، والخليل وسيبويه يختار ان الفتح.
وعن كعب: أن الحواريين قالوا لعيسى: يا روح الله، هل بعدنا من أمة؟ قال: نعم، أمة أحمد؛ حكماء علماء أبرار أتقياء، كأنهم من الفقه أنبياء، يرضون من الله باليسير من الرزق، ويرضى الله منهم باليسير من العمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إنما قال: ﴿يَا بَنِي إسْرَائِيلَ﴾، ولم يقل: "يا قوم" كما قال موسى؛ لأنه لا نسب له فيهم)، الانتصاف: هو كقوله: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ﴾ [الشعراء: ١٧٦] لأنه لم يكن منهم.
وقلت: يجوز أن يكون للاستعطاف، لمجيء قوله: ﴿مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ﴾ أي: إني أرسلت إليكم في حال تصديقي لكتاب نزل إليكم يا بني إسرائيل خاصة.
قوله: (وقرئ: ﴿مِن بَعْدِي﴾ بسكون الياء)، بفتح الياء: نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر، والباقون: بسكونها.
قوله: (أمة أحمد)، روينا عن البخاري ومسلم ومالك والدرامي عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لي خمسة أسماء؛ أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس