فإن قلت: بم انتصب ﴿مُّصَدِّقًا﴾ و ﴿مُبَشِّرًا﴾؟ أبما في الرسول من معنى الإرسال أم بإليكم؟
قلت: بل بمعنى الإرسال؛ لأن ﴿إلَيْكُم﴾ صلة للرسول، فلا يجوز أن تعمل شيئًا لأن حروف الجر لا تعمل بأنفسها، ولكن بما فيها من معنى الفعل؛ فإذا وقعت صلات لم تتضمن معنى فعل، فمن أين تعمل؟ وقرئ: (هذا ساحر مبين).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا العاقب الذي بعدي نبي". وقد سماه الله رؤوفًا رحيمًا، رواه البخاري في تفسيير هذه الآية.
وعن أحمد بن حنبل عن أبي موسى قال: سمى لنا رسول الله ﷺ نفسه بأسماء منها ما حفظنا قال: "أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي الرحمة" قال يزيد: ونبي التوبة، ونبي الملحمة".
قال محيي السنة والواحدي: اسمه أحمد يحتمل معنيين: أحدهما: أنه مبالغة من الفاعل، أي: أنه أكثر حمدًا لله من غيره، والآخر: أنه مبالغة من المفعول، أي: أنه يحمد بما فيه من الأخلاق والمحاسن أكثر مما يحمد غيره.
قوله: (وقرئ: "هذا ساحر")، حمزة والكسائي.
قوله: (لأن ﴿إِلَيْكُمْ﴾ صلة للرسول، فلا يجوز أن تعمل شيئًا)، لا يريد عملها الذي هو الجزء؛ وإنما يريد أنها لا تعمل عمل الفعل بأنفسها.


الصفحة التالية
Icon