فقالوا: يوم السبت لليهود، ويوم الأحد للنصارى، فاجعلوا يوم العروبة، فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم، فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه، فأنزل الله آية الجمعة، فهي أول جمعة كانت في الإسلام.
وأما أول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي: أنه لما قدم المدينة مهاجرًا نزل قباء على بني عمرو بن عوف، وأقام بها يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس مسجدهم، ثم خرج يوم الجمعة عامدًا المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم، فخطب وصلى الجمعة.
وعن بعضهم: قد أبطل الله قول اليهود في ثلاث: افتخروا بأنهم أولياء الله وأحباؤه، فكذبهم في قوله: ﴿فَتَمَنَّوُا المَوْتَ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الجمعة: ٦]، وبأنهم أهل الكتاب والعرب لا كتاب لهم، فشبههم بالحمار يحمل أسفارًا؛ وبالسبت وأنه ليس للمسلمين مثله فشرع الله لهم الجمعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قد أبطل الله تعالى قول اليهود في ثلاث)، إلى قوله: (فشرع الله لهم الجمعة)، فعلى هذا يكون في قوله: ﴿إذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ﴾ تعريضًا باليهود وأنهم ما وفقوا لما سعد به المؤمنون كما ورد في الحديث: "هذا يومهم الذي فرض عليهم"- يعني: يوم الجمعة-، "فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع؛ اليهود غدًا، والنصارى بعد غد"، رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
ومن ثم جعلت الصلة التي هي ﴿آمَنُوا﴾ علة للسعي إلى ذكر الله، كما جعلت الصلة في قوله ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ﴾ لأهل الكتاب مقررًا للتمثيل في قوله: ﴿كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ وكذا الصلة في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا﴾ عدل فيها من لفظ اليهود إلى