فقال: لا يزال يقرأ بالمنسوخ! لو كانت ﴿فَاسْعَوْا﴾ لسعيت حتى يسقط ردائي.
وقيل: المراد بالسعي القصد دون العدو، والسعي: التصرف في كل عمل. ومنه قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ [الصافات: ١٠٢]، ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩]. وعن الحسن: ليس السعي على الأقدام، ولكنه على النيات والقلوب.
وذكر محمد بن الحسن رحمه الله في"موطئه": أن ابن عمر سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي. قال محمد: وهذا لا باس به ما لم يجهد نفسه. ﴿إلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ إلى الخطبة والصلاة، ولتسمية الله الخطبة ذكرًا له، وقال أبو حنيفة رحمه الله: إن اقتصر الخطيب على مقدار يسمى ذكرًا لله كقوله: الحمد لله، سبحان الله، جاز. وعن عثمان أنه صعد المنبر فقال: الحمد لله. وارتج عليه، فقال: إن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المقام مقالا، وإنكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال، وستأتيكم الخطب، ثم نزل، وكان ذلك بحضرة الصحابة ولم ينكر عليه أحد. وعند صاحبيه والشافعي: لا بد من كلام يسمى خطبة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن جني: هذه القراءة تفسير لقراءة العامة ﴿فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي: فاقصدوا وتوجهوا، وليس فيه دليل على الإسراع.
قوله: (إن اقتصر الخطيب على مقدار يسمى ذكرًا لله كقوله: الحمد لله، سبحان الله، جاز)، الانتصاف: لا دليل فيه؛ لأن العرب تسمي الشيء باسم بعضه، كما سميت الصلاة قرآنًا وركوعًا وسجودًا، والمسمى خطبةً عند العرب يزيد على القدر الذي اقتصر عليه الإمام أبو حنيفة.
قوله: (وعن عثمان أنه صعد المنبر فقال: الحمد لله وأرتج عليه)، الانتصاف: هذا سهو