وتبين بما اطلع عليه من قولهم: إن كان ما يقوله محمد حقا فنحن حمير، وقولهم في غزوة تبوك: أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر؟ هيهات! ونحوه قوله تعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ﴾ [التوبة: ٧٤] أي: وظهر كفرهم بعد أن أسملوا. ونحوه قوله تعالى: ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة: ٦٦]، والثاني ﴿آمَنُوا﴾: أي: نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام، كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا﴾ إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: ١٤]، والثالث: أن يراد أهل الردة منهم.
وقرئ: (فطبع على قلوبهم)، وقرأ زيد بن علي: (فطبع الله).
[﴿وإذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وإن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ ٤]
كان عبد الله بن أبي رجلا جسيما صبيحًا، ذلق اللسان، وقوم من المنافقين في مثل صفته، وهم رؤساء المدينة، وكانوا يحضرون مجلس رسول الله ﷺ ومن حضر يعجبون بهياكلهم ويسمعون إلى كلامهم.
فإن قلت: معنى قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ﴾؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولهم جهارة المناظر)، الأساس: جهرني فلان: راعني بجماله وهيئته، وفلان جهير بين الجهارة، إذا كان ذا جهر ومنظر تجتهره الأعين، قال أعرابي في الرشيد:
جهير الرواء جهير الكلام.... جهير العطاس جهير النغم


الصفحة التالية
Icon