قلت: شبهوا في استنادهم، وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخير، بالخشب المسندة إلى الحائط؛ ولأن الخشب إذا انتفع به كان في شقف أو جدار أو غيرها من مظان الانتفاع، وما دام متروكا فارغا غير منتفع به أسند إلى الحائط، فشبهوا به في عدم الانتفاع. ويجوز أن يراد بالخشب المسندة: الأصنام المنحوتة من الخشب المسندة إلى الحيطان؛ شبهوا بها في حسن صورهم وقلة جدواهم؛ والخطاب في ﴿رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ﴾ لرسول الله، أو لكل من يخاطب. وقرئ: (يسمع) على البناء للمفعول، وموضوع ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ﴾ رفع على: هم كأنهم خشب، أو هو كلام مستأنف لا محل له.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في استنادهم) الإضافة مثل التعريف باللام، لأن المراد ذلك الاستناد، وهو ما قال: "كانوا يحضرون مجلس رسول الله ﷺ فيستندون فيه"، والواو في"وما هم" للحال.
قوله: (شبهوا بها في حسن صورهم وقلة جدواهم) هذا الوجه أحسن من الأول، لزيادة الاعتبار، فالتشبيه مركب في الاعتبارين؛ إما عقلي، أو وهمي.
قوله: (أو هو كلام مستأنف لا محل له) يؤذن بأن له محلًا على الوجه الأول، قال أبو البقاء: ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ الجملة حال من الضمير المجرور في"قولهم" وقيل: هي مستأنفة.
وقدر القاضي: تسمع لما يقولونه مشبهين بأخشاب منصوبة مستندة إلى الحائط، في كونهم أشباحًا خالية عن العلم والنظر.
وظاهر كلام الزجاج على ما نقله الواحدي على الاستئناف، حيث قال: وصفهم بتمام الصور وحسن الإبانة، ثم أعلم أنهم في ترك التفهم والاستبصار بمنزلة الخشب.
وأراد أنها ليست بأشجار تثمر وتنمو، بل هي خشب مستندة إلى الحائط، ثم عابهم بالجبن


الصفحة التالية
Icon