فما بقي إلا أن أسجد لمحمد، فنزلت: ﴿وإذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ﴾ [المنافقون: ٥] ولم يلبث إلا أيماما قلائل حتى اشتكى ومات. ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾ الاستغفار وعدمه؛ لأنهم لا يلتفتون إليه ولا يعتدون لكفرهم، أو لأن الله لا يغفر لهم.
وقرئ: (استغفرت) على حذف حرف الاستفهام؛ لأن (أم) المعادلة عليه.
وقرأ أبو جعفر (آستغفرت)، إشباعًا لهمزة الاستفهام للإظهار والبيان، لا قلبا لهمزة الوصل ألفًا، كما في: (آلسحر) و (آلله).
﴿يَنفَضُّوا﴾ يتفرقوا، وقرئ: (ينفضوا من: أنفض القوم: إذا فنيت أزوادهم.
وحقيقته: حان لهم أن ينفضوا من أودهم ﴿ولِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ﴾ وبيده الأرزاق والقسم، فهو رازقهم منها، وإن أبى أهل المدينة أن ينفقوا عليهم، ولكن عبد الله وأضرابه جاهلون، ﴿لا يَفْقَهُونَ﴾ ذلك فيهذون بما يزين لهم الشيطان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: "استغفرت" على حذف حرف الاستفهام) وهي المشهورة، قال أبو البقاء: الهمزة في ﴿أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ﴾ همزة قطع، وهمزة الوصل محذوفة، وقد وصلها قوم على أنه حذف همزة الاستفهام لدلالة ﴿أَمْ﴾ عليه.
قوله: ("آستغفرت"، إشباعًا) قال ابن جني: وهي ضعيفة لأنه أثبت همزة الوصل، وقد استغني عنها بهمزة الاستفهام، وأجاب بأنه إشباع لهمزة الاستفهام، لا قلبًا لهمزة الوصل ألفًا.
قيل: إذا دخل همزة الاستفهام على الاسم المعرف باللام نحو: الحسن، قلبت همزة الوصل ألفًا، لئلا يلتبس الخبر بالاستخبار، وأما هاهنا فلا لبس، لأنه همزة الوصل هاهنا مكسورة.
قوله: (جاهلون ﴿لا يَفْقَهُونَ﴾ ذلك فيهذون)، فإن قلت: فصلت هذه الآية بقوله: