..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿ولَكِنَّ المُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ﴾ والآية الثالثة: ﴿ولَكِنَّ المُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ لم قدر مفعول هذه ولم يقدر مفعول الثالثة؟
قلت: ليشير الإطلاق إلى إدارة المبالغة، وأن المنافقين عادمون المعرفة، فاقدون العلم، ولذلك خفي عنهم أن العزة لله جميعًا، بعز من يشاء، ويذل من يشاء، وبالتقييد: الإشارة إلى أن الأرزاق والقسم بيد الله تعالى، فهو يرزق رسول الله ﷺ ومن عنده، ولما كان الثاني مستلزمًا للأول لا العكس بولغ فيه دونه.
فإن قلت: لم خص الأول بـ ﴿لا يَفْقَهُونَ﴾ والثاني بـ ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾؟
قلت: قد مر أن إثبات الفقه للإنسان أبلغ من إثبات العلم له، فيكون نفي العلم أبلغ من نفي الفقه، فأوثر ما هو أبلغ لما هو أدعى له.
الراغب: معنى قوله: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ يأمرونهم بالإضرار بهم، وحبس النفقات عنهم ولا يفطنون، لأنهم إذا فعلوا ذلك أضروا بأنفسهم، فهم لا يفقهون ذلك ولا يفطنون له.
وقوله في الثاني: ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ بعد قوله: ﴿يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾ عندهم أن الأعز من له القوة والغلبة، على ما كانوا عليه من الجاهلية، ولا يعلمون أن هذه القدرة التي يفضل بها الإنسان غيره، إنما هي من الله، فهي لله ولمن يخصه بها من عباده، والمنافقون لا يعلمون أن الذلة لمن يقدرون فيه العزة، وأن الله معز أولياءه بطاعتهم له، ومذل أعداءه بمخالفتهم أمره، فقد اختص كل آية بما اقتضاه معناه.


الصفحة التالية
Icon