﴿ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ يريد الشغل بالدنيا عن الدين ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ﴾ في تجارتهم حيث باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني.
وقيل: ذكر الله: الصلوات الخمس. وعن الحسن: جميع الفرائض، كأنه قال: عن طاعة الله. وقيل: القرآن، وعن الكلبي: الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[﴿وأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَاتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ * ولَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إذَا جَاءَ أَجَلُهَا واللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ ١٠ - ١١]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اختيار ذكر الله على الأموال والأولاد، أي: لا تغفلوا عن هذا الإيثار، وفيه جواز الاشتغال بها مصونًا عن الإيثار.
قوله: (﴿ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ يريد الشغل بالدنيا عن الدنيا) يعني المشار إليه بذلك، هذا هو المعنى، وهو تلخيص الآية على أوجز ما يمكن فهو كلام جامع، عبر بالأموال والأموال والأولاد عن معبر واحد وهي الدنيا، لكونهما أرغب الأشياء منها، قال الله تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: ٤٦] وقصد بقوله: ﴿ذِكْرِ اللَّهِ﴾ الشمول والعموم، حيث فسره بالدين لإطلاقه وتناوله كل ما هو مسمي به، وبما يناط به من أمور الدين، قال رسول الله: "الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالم ومتعلم" أخرجه الترمذي عن أبي هريرة، فجمع بين الإطناب في الأول، والإيجاز في الثاني، وأذن بنسبة الشغل إلى ذوي العلم أن النهي الوارد في قوله: ﴿لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ ولا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ راجع في الحقيقة إلى المخاطبين، من باب إطلاق المسبب على السبب كقوله تعالى: ﴿فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ﴾ [الأعراف: ٢] أي: لا تكونوا بحيث تلهيكم الأموال والأولاد من التهالك في جمعها، وفي التلذذ بها، والانهماك فيها، والتعزز بهم، والتكاثر بعددهم.