والمعنى: هو الذي تفضل عليكم بأصل النعم الذي هو الخلق والإيجاد عن العدم، فكان يجب أن تنظروا النظر الصحيح، وتكونوا بأجمعكم عبادًا شاكرين، فما فعلتم مع تمكنكم، بل تشعبتم شعبًا، وتفرقتم أمما؛ ﴿فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ﴾، وقدم الكفر لأنه الأغلب عليهم والأكثر فيهم، وقيل: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ﴾ بالخلق، وهم الدهرية، ﴿وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ﴾ به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها ما رواه مسلم والترمذي وأبو داود، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرًا، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانًا وكفرًا".
قال صاحب"التيسير" و" المطلع": دلت الآية على أنه لا منزلة بين المنزلتين.
وقال ابن عباس: ليس بين الجنة والنار منزل، وليس بين الطاعة والمعصية عمل، وليس بين الكفر والإيمان اسم.
وقال محيي السنة: إن الله خلق الكافر وكفره فعلًا له وكسبًا، وخلق المؤمن وإيمانه فعلًا له كسبًا، والكل بتقدير الله ومشيئته. فالمؤمن بعد خلق الله إياه يختار الإيمان لأن الله تعالى أراد ذلك منه، وهذا طريق أهل السنة من سلكه أصاب الحق وسلم من الجبر والقدر.
قوله: (الدهرية) قال حجة الإسلام: الدهريون طائفة من الأقدمين حجدوا الصانع المدبر العالم القادر، وزعموا أن العالم لم يزل موجودًا لذلك بنفسه لا بصانع، ولم يزل الحيوان من النطفة، والنطفة من الحيوان، كذلك كان وكذلك يكون، فهؤلاء هم الزنادقة خذلهم الله وأبادهم.


الصفحة التالية
Icon