قلت: لأن الصبر غنما يكون له مزية على الجزع، لنفعه في العاقبة بأن يجازي عليه الصابر جزاء الخير، فأما الصبر على العذاب الذي هو الجزاء ولا عاقبة له ولا منفعة، فلا مزية له على الجزع.
[﴿إنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ ونَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ووَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الجَحِيمِ * كُلُوا واشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ﴾ ١٧ - ٢٠]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ عقب بقوله: ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا﴾ يعني: هذا المصداق أيضًا سحر؟ ! أي: كنتم تقولون للقرآن الذي أنذركم هذه النار: هذا سحر، فتقولون: سحر هذا أيضًا! ! فالمشار إليه بهذا: النار، وذكر لأنه في تأويل المصداق، أو الخبر مذكر وقدم الخبر لإفادة الاختصاص تتميمًا للتقريع، ثم قرر المعنى بقوله: ﴿أَمْ أَنتُمْ لا تُبْصِرُونَ﴾ أي: هذا أيضًا لا تبصرون، كما كنتم لا تبصرون ما يدل على هذا، وقلتم: ﴿إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥]، و"أم" في ظاهر كلام المصنف منقطعة حيث قال: "أم أنتم عمي عن المخبر عنه كما كنتم عميًا عن الخبر"، أي: بل أنتم عمي عن المخبر عنه، وهذا تقريع وتهكم.
وفي "التفسير الكبير": هل لأمرنا شك، أم هل في بصركم خلل، أي: لا واحد منهما ثابت، فجعلها معادلة.
وقال صاحب "الكشف": ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا﴾، كلام تام من مبتدأ وخبر، ثم قال: ﴿أَمْ أَنتُمْ﴾، أي: بل أنتم ﴿لا تُبْصِرُونَ﴾.
قوله: (لأن الصبر)، أي: إنما علل استواء الصبر وعدمه بقوله: {إنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ