ثم يخلين حتى تنقضي عدتهن، وهذا أحسن الطلاق وأدخله في السنة، وأبعده من الندم، ويدل عليه ما روي عن إبراهيم النخعي أن أصحاب رسول الله ﷺ كانوا يستحبون أن لا يطلقوا أزواجهم للسنة إلا واحدةً، ثم لا يطلقوا غير ذلك حتى تنقضي العدة، وكان أحسن عندهم من أن يطلق الرجل ثلاثًا في أطهار، وقال مالك بن أنس رضي الله عنه: لا أعرف طلاق السنة إلا واحدةً، وكان يكره الثلاث مجموعةً كانت أو متفرقة، وأما أبو حنيفة وأصحابه فإنما كرهوا ما زاد على الواحد في طهر واحد، فأما مفرقًا في الأطهار فلا؛ لما روي عن رسول الله ﷺ أنه قال لابن عمر حين طلق امرأته وهي حائض: "ما هكذا أمرك الله، إنما السنة أن تستقبل الطهر استقبالًا، وتطلقها لكل قرء تطليقةً". وروي أنه قال لعمر: "مر ابنك فليراجعها، ثم ليدعها حتى تحيض ثم تطهر، ثم ليطلقها إن شاء؛ فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء".
وعند الشافعي رضي الله عنه: لا بأس بإرسال الثلاث، وقال: لا أعرف في عدد الطلاق سنةً ولا بدعةً وهو مباح، فما لك تراعي في طلاق السنة الواحدة والوقت؛ وأبو حنيفة يراعي التفريق والوقت؛ والشافعي يراعي الوقت وحده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أنه قال لابن عمر حين طلق امرأته) الحديث، رواه البخاري ومسلم ومالك والترمذي وأبو داود عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر رضي الله عنه لرسول الله ﷺ فتغيظ فيه رسول الله ﷺ ثم قال: "ليراجعها ويمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله"، وفي رواية نحوه وفيه: "الطلاق للعدة كما أمر الله تعالى" قال: وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن".
قول: (وعند الشافعي: لا بأس بإرسال الثلاث)، قال صاحب "التقريب": يقع عند