﴿ومَن يَتَّقِ اللَّهَ﴾ يجوز أن تكون جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق من إجراء أمر الطلاق على السنة، وطريقة الأحسن والأبعد من الندم، ويكون المعنى: ومن يتق الله، فطلق للسنة ولم يضار المعتدة ولم يخرجها من مسكنها، واحتاط فأشهد، ﴿يَجْعَل﴾ الله ﴿لَّهُ مَخْرَجًا﴾ مما في شأن الأزواج من الغموم والوقوع في المضايق، ويفرج عنه وينفس ويعطه الخلاص ﴿ويَرْزُقْهُ﴾ من وجه لا يخطره بباله ولا يحتسبه، إن أوفى المهر وأدى الحقوق والنفقات وقل ماله. وعن النبي ﷺ أنه سئل عمن طلق ثلاثًا أو ألفًا، هل له من مخرج؟ فتلاها، وعن ابن عباس أنه سئل عن ذلك فقال: " لم تتق الله فلم يجعل لك مخرجًا، بانت منك بثلاث، والزيادة إثم في عنقك".
ويجوز أن يجاء بها على سبيل الاستطراد عند ذكر قوله: ﴿ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ﴾ يعني: ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ومخلصًا من غموم الدنيا والآخرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والزيادة إثم في عنقك)، لأن التعرض للزائد انحراف عما عينه الله تعالى، وعدم مبالاة بما يجري على لسانه، نعوذ بالله من سخطه، ومن سقط القول، وعدم الوقوف على ما حده الله تعالى
قوله: (ويجوز أن يجاء بها على سبيل الاستطراد عند ذكر قوله: ﴿ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ﴾)، يعني: لما أمر المؤمنين بأمور تتعلق بالنساء من المجاملة معهن في الفراق والطلاق والإمساك، وأتى باسم الإشارة فذلكةً، وأن المذكور تذكير من الله وموعظة للمتقين من المؤمنين، أتى بكلام جامع منوط به أمور الدين ظاهره وباطنه، وفائدة الإشارة إلى أن أمور النساء من عظائم الشؤون في الدين، لاسيما المفارقة بعد العلقة التامة، فيجب على المتقي أن يكون على حذر من جانبهن، وأن لا يقصر في المجاملة معهن، ولما قلنا: إنه من الكلام الجامع.
قال صلوات الله وسلامه عليه: "إني لأعلم آيةً لو أخذ بها الناس لكفتهم"... الحديث بتمامه رواه الإمام أحمد بن حنبل عن أبي ذر، ورواه ابن ماجه والدارمي عنه، وليس فيه:


الصفحة التالية
Icon