وقوله: ﴿لَهُ﴾ أي للأب، أي: سيجد الأب غير معاسرة ترضع له ولده إن عاسرته أمه. ﴿لِيُنفِقْ﴾ كل واحد من الموسر والمعسر ما بلغه وسعه، يريد: ما أمر به من الإنفاق على المطلقات والمرضعات، كما قال: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦] وقرئ: (لينفق) بالنصب، أي شرعنا ذلك لينفق. وقرأ ابن أبي عبلة: (قدر). ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ﴾ موعد لفقراء ذلك الوقت بفتح أبواب الرزق عليهم، أو لفقراء الأزواج إن أنفقوا ما قدروا عليه ولم يقتصروا.
[﴿وكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا ورُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا * فَذَاقَتْ وبَالَ أَمْرِهَا وكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ ومَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ ويَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا﴾ ٨ - ١١]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن يك ذا فضل، فيبخل بفضله.... على قومه يستغن عنه ويذمم
الانتصاف: وخص بالعتاب الأم، لأن المطلوب منها اللبن، والأب غير متمول، خصوصًا على الولد، ولا كذلك ما يطلب من الأب.
قوله: (أو لفقراء الأزواج)، يعني: قوله: ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ وعد من الله تعالى للمنفق بعد أن أمره بالإنفاق في قوله: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ﴾ فإذا قيد مطلق الأمر بما سبق، وأنه حديث من شأن المطلقات والمرضعات، يقال: أنه لفقراء الأزواج، وإذا ترك على إطلاقه ليكون استطرادًا في الكلام، على منوال ﴿ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ ﴿ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ يقال: إنه موعد لفقراء ذلك الوقت، ويدخل فيه فقراء الأزواج دخولًا أوليًا، وهذا أوفق لتأليف النظم، ليكون


الصفحة التالية
Icon