من قولك للمسيء: لأعرفن لك ذلك، وقد عرفت ما صنعت. ومنه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [النساء: ٦٣] أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم، وهو كثير في القرآن؛ وكان جزاؤه تطليقه إياها.
وقيل: المعرف: حديث الإمامة، والمعرض عنه: حديث مارية.
وروي أنه ﷺ قال لها: "ألم أقل لك اكتمي علي؟ "، قالت: والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي؛ فرحًا بالكرامة التي خص الله بها أباها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكان جزاءها تطليقه إياها)، قال الزجاج: قيل: إن النبي ﷺ طلق حفصة تطليقةً واحدةً فكان ذلك جزاءها عنده، فذلك تأويل ﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ وأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ﴾ أي: جازى على بعض الحديث، وكانت حفصة صوامةً قوامةً، فأمره الله تعالى أن يراجعها فراجعها.
وقال القاضي: ليس في قوله تعالى: ﴿عَسَى رَبُّهُ إن طَلَّقَكُنَّ﴾ ما يدل على أنه لم يطلق حفصة، وأن في النساء خيرًا منهن، لأن تعليق طلاق الكل لا ينافي تطليق واحدة، والمعلق بما لم يقع لا يجب وقوعه.
وقلت: روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن ابن عباس الحديث الطويل عن عمر رضي الله عنهما، وفيه: نزلت آية التخيير: ﴿عَسَى رَبُّهُ إن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ﴾ الآية، فكانت عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله، أطلقتهن؟ قال: "لا"، قلت: يا رسول الله إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصا ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: "نعم". الحديث.
قوله: (فرجًا بالكرامة)، قيل: مفعول له، لقوله: "قالت"، وهو فاسد، إذ ليس المعنى أنها