ويجوز أن يكون أصله: صالحو المؤمنين بالواو، فكتب بغير واو على اللفظ؛ لأن لفظ الواحد والجمع واحد فيه، كما جاءت أشياء في المصحف متبوع فيها حكم اللفظ دون وضح الخط. ﴿والْمَلائِكَةُ﴾ على تكاثر عددهم، وامتلاء السموات من جموعهم، ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾ بعد نصرة الله وناموسه وصالحي المؤمنين، ﴿ظَهِيرٌ﴾ فوج مظاهر له، كأنهم يد واحدة على ما يعاديه، فما يبلغ تظاهر امرأتين على من هؤلاء ظهراؤه؟
فإن قلت: قوله: ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾ تعظيم للملائكة ومظاهرتهم، وقد تقدمت نصرة الله وجبريل وصالح المؤمنين، ونصرة الله تعالى أعظم وأعظم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لنا حاضر فعم وباد كأنه.... قطين الإله عزةً وتكرما
قوله: (كما جاءت أشياء في المصحف)، من ذلك: ﴿وَيَدْعُ الإِنسَانُ﴾ [الإسراء: ١١]، و ﴿وَيَدْعُ الدَّاعِ﴾ [القمر: ٦]، ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الخَصْمِ﴾ [ص: ٢١] كتب على لفظ الجمع نحو كفروا.
قوله: (وناموسه)، النهاية: الناموس: صاحب سر الملك، وأراد به جبريل عليه السلام، لأنه تعالى خصه بالوحي والغيب، لا يطلع عليهما غيره.
قوله: (كأنهم يد واحدة)، أي: أوقع "ظهيرًا" وهو خبرًا للجمع، كما أوقع "يدًا" في قوله صلى الله عليه وسلم: "وهم يد على من سواهم" للمبالغة في الموافقة.
قوله: (﴿بَعْدَ ذّلِكَ﴾ تعظيم للملائكة)، يعني موقع ﴿بَعْدَ ذّلِكَ﴾ في هذا التركيب موقع ﴿ثُمَّ﴾ في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البلد: ١٧] في إعطاء معنى التفاوت في المرتبة، نص عليه في قوله تعالى: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ [القلم: ١٣]، فيلزم من ذلك أن تكون نصرة الملائكة أعظم من نصرة الله وهو محال، وأجاب بأن وجوه نصرة الله كثيرة، وأعظمها نصرته بالملائكة.