لعل الله يجمعهم في الجنة"، وقيل: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من جهل أهله. وقرئ: (وأهلوكم) عطفا على واو ﴿قُوا﴾ وحسن العطف للفاصل.
فإن قلت: أليس التقدير: قوا أنفسكم، وليق أهلوكم أنفسهم؟
قلت: لا، ولكن المعطوف مقارن في التقدير للواو، و ﴿أَنفُسَكُمْ﴾ واقع بعده، فكأنه قيل: قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم، لما جمعت مع المخاطب الغائب غلبته عليه، فجعلت ضميرهما معا على لفظ المخاطب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لعل الله يجمعهم معه في الجنة)، هكذا في النسخ المعتمدة، وروي: يجمعكم معهم، وليس يثبت، ولا يساعده المعنى إلا تعسفًا.
قوله: (أليس التقدير... ) إلى آخره، قيل: المعنى: لما كان الأمر للفاعل المخاطب بالصيغة، وللغائب باللام، كان يخيل أن التقدير: قوا أنفسكم، وليق أهلوكم أنفسهم، فيكون من عطف الجملة على الجملة، وأجاب بأن ليس التقدير كذلك، لأنه لما أريد أمر المخاطب والغائب، غلب حال المخاطب، فقيل: ﴿قُوا﴾ ثم لما عطف الغائب على الضمير، غلب في المفعول أيضًا المخاطب على الغائب، للتطابق، وقدم المفعول.
وقلت: معنى جوابه أن"أهليكم" الذي هو معطوف على واو ﴿قُوا﴾ في التقدير مقارن للواو، و ﴿أَنفُسَكُمْ﴾ الذي هو المفعول مقدر بعد"أهلوكم"، لأن أصل الكلام: قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم وأنفسهم، فلما وقع الفاصل بين الواو و"أهلوكم" بـ ﴿أَنفُسَكُمْ﴾، استغنى عن"أنتم" لصحة العطف على الضمير بدون التأكيد لوجود الفصل، ولما غلب في المفعول- الذي هو ﴿أَنفُسَكُمْ﴾ - المخاطب على الغائب اكتفى بـ ﴿أَنفُسَكُمْ﴾ عن"أنفسهم".
فإن قلت: لم حظر أن تقدر: "وليق"؟