﴿نَارًا وقُودُهَا النَّاسُ والْحِجَارَةُ﴾: نوعا من النار لا يتقيد إلا بالناس والحجارة، كما يتقد غيرها من النيران بالحطب. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هي حجارة الكبريت، وهي أشد الأشياء حرا إذا أوقد عليها. وقرئ: (وقودها) بالضم، أي: ذو وقودها، ﴿عَلَيْهَا﴾ يلي أمرها وتعذيب أهلها، ﴿مَلائِكَةٌ﴾ يعني الزبانية التسعة عشر وأعوانهم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت: لتكون الشاذة أقرب إلى معنى المشهورة، ومعناه كما قال: "قوا أنفسكم بترك المعاصي وفعل الطاعات، وأهليكم بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم"، وعلى تقدير"ليق" يكونون مستقلين في الأمر استقلالًا تامًا بخلاف ذلك التقدير، فإن عطف"أهلوكم"، - وهو غائب- على الضمير- وهو حاضر-، لا يصح إلا على التبعية، كما سبق في قوله تعالى: ﴿اسْكُن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ﴾ [البقرة: ٣٥].
قال القاضي: إنما لم يخاطبها أولًا تنبيهًا على أنه المقصود بالحكم، والمعطوف تبع له. وعلى هذا معنى التغليب في أنفسكم.
وفي"شرح السنة": روي عن علي رضي الله عنه قال: ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ﴾: علموهم وأدبوهم، وعن ابن عباس نحوه.
قوله: (وعن ابن عباس: هي حجارة الكبريت)، منع هذا التفسير في سورة البقرة، وهو تخصيص بغير دليل، وأثبت هاهنا.
قوله: (وقرئ: "وقودها")، بالضم، قال ابن جني: وهي قراءة الحسن ومجاهد، وهو على حذف المضاف، أي: ذو وقودها، يعني: ما تطعمه النار من الوقود.