والنصح والنصوح، كالشكر والشكور، والكفر والكفور، أي: ذات نصوح، أو تنصح نصوحا، أو توبوا لنصح أنفسكم على أنه مفعول له، ﴿عَسَى رَبُّكُمْ﴾ إطماع من الله لعباده، وفيه وجهان، أحدهما: أن يكون على ما جرت به عادة الجبابرة من الإجابة بـ "عسى" و"لعل" ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت. والثاني: أن يجئ به تعليما للعباد وجوب الترجح بين الخوف والرجاء، والذي يدل على المعنى الأول وأنه في معنى البت: قراءة ابن أبي عبلة: (ويدخلكم) بالجزم، عطفا على محل (عسى أن يكفر)، كأنه قيل: توبوا يوجب لكم تكفير سيئاتكم ويدخلكم، ﴿يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ﴾ نصب بـ ﴿ويُدْخِلَكُمْ﴾، و ﴿لا يُخْزِي﴾: تعريض بمن أخزاهم الله من أهل الكفر والفسوق، واستحماد إلى المؤمنين على أنه عصمهم من مثل حالهم، ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى﴾ على الصراط.
﴿أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ قال ابن عباس: يقولون ذلك إذا طفئ نور المنافقين إشفاقا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ووجوب الترجح)، الأساس: ومن المجاز: رجح أحد قوليه على الآخر، وترجح في القول: تميل فيه، وقيل: الترجح: التردد، وكونهم دائراين بينهما، غير مرجحين أحدهما على الآخر.
قوله: (واستحماد إلى المؤمنين على أنه عصمهم)، الأساس: واستحمد الله إلى خلقه بإحسانه إليهم وإنعامه عليهم. ضمن "استحمد" معنى الإحسان، أي: أحسن إليهم طالبًا للحمد منهم على عصمته إياهم.
قوله: (﴿أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ قال ابن عباس)، فسر ﴿أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ بالنظر إلى قوله تعالى: ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ بوجوه أربعة؛ أحدها: يطلبون الدوام إشفاقًا بسبب ما ينظرون إلى نور المنافقين وانطماسه، جزاءً لما كانوا يخادعون الله والذين آمنوا، وبه فسر قوله: ﴿ذّهّبَ اللهُ بِنُورِهِمْ﴾ [البقرة: ١٧] في وجه. قال الواحدي: ومعنى إذهاب الله نورهم: هو أن الله تعالى يسلب المنافقين ما أعطوا من النور مع المؤمنين في الآخرة.