قلت: أما الإشفاق فيجوز أن يكون على عادة البشرية وإن كانوا معتقدين الأمن، وأما التقرب فلما كانت حالهم كحال المتقربين حيث يطلبون ما هو حاصل لهم من الرحمة: سماه تقريبا.
[﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ والْمُنَافِقِينَ واغْلُظْ عَلَيْهِمْ ومَاوَاهُمْ جَهَنَّمُ وبِئْسَ المَصِيرُ﴾ ٩].
﴿جَاهِدِ الكُفَّارَ﴾ بالسيف ﴿والْمُنَافِقِينَ﴾ بالاحتجاج؛ واستعمل الغلظة والخشونة على الفريقين فيما تجاهدهما به من القتال والمحاجة.
وعن قتادة: مجاهدة المنافقين لإقامة الحدود عليهم.
وعن مجاهد: بالوعيد. وقيل: بإفشاء أسرارهم.
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} ١٠].
مثل الله عز وجل حال الكفار في أنهم يعاقبون على كفرهم وعداوتهم للمؤمنين، معاقبة مثلهم من غير إبقاء ولا محاباة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويمكن أن يقال: إن الترقي بحسب ما ثبت له في الدنيا، والترقي في الجنة بالقراءة علامة انتهاء تلك المنزلة.
قوله: (معاقبة مثلهم)، والمثل هاهنا كما في قولك: مثلك لا يبخل، أي: أنت لا تبخل، يعني: من هو في صددك من الجود والسخاوة لا يبخل. أي: يعاقبون معاقبة من هو مبالغ في الكفر والنفاق، وتلك المعاقبة هي ما قال: "معاقبة مثلهم من غير إبقاء ولا محاباة".