من التظاهر على رسول الله ﷺ بما كرهه، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشده، لما في التمثيل من ذكر الكفر، ونحوه في التغليظ قوله تعالى: ﴿ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾ [آل عمران: ٩٧]، وإشارة إلى أن من حقهما أن تكونا في الإخلاص والكمال فيه كمثل هاتين المؤمنتين، وأن لا تتكلا على أنهما زوجا رسول الله، فإن ذلك الفضل لا ينفعهما إلا مع كونهما مخلصتين، والتعريض بحفصة أرجح؛ لأن امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت حفصة على رسول الله! وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف والخفاء حدا يدق عن تفطن العالم ويزل عن تبصره.
فإن قلت: ما فائدة قوله: ﴿مِنْ عِبَادِنَا﴾؟
قلت: لما كان مبنى التمثيل على وجود الصلاح في الإنسان كائنا من كان، وأنه وحده هو الذي يبلغ به الفوز وينال من عند الله: قال: ﴿عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ﴾، فذكر النبيين المشهورين العلمين بأنهما عبدان لم يكونا إلا كسائر عبادنا من غير تفاوت بينهما وبينهم إلا بالصلاح وحده، إظهارا وإبانة لأن عبدا من العباد لا يرجح عنده إلا بالصلاح لا غير، وأن ما سواه مما يرجح به الناس عند الناس ليس بسبب للرجحان عنده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصديقة رضي الله عنها: يا رسول الله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك. الحديث متفق على صحته.
ولله دره حيث قال: "وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف والخفاء حدًا يدق عن تفطن العالم ويزل عن تبصره! ".
قوله: (لم يكونا إلا كسائر عبادنا)، لعله قصد في تعميم ﴿عِبَادِنَا﴾، تقرير معنى العموم الذي اعتبره في قوله تعالى: ﴿وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ﴾ [الزمر: ٧] اعتزالًا، وقد بينا هناك أن