وامرأة فرعون: آسية بنت مزاحم. وقيل: هي عمة موسى عليه السلام، آمنت حين سمعت بتلقف عصا موسى الإفك، فعذبها فرعون.
عن أبي هريرة: أن فرعون وتد امرأته بأربعة أوتاد، واستقبل بها الشمس، وأضجعها على ظهرها، ووضع رحى على صدرها، وقيل: أمر بأن تلقى عليها صخرة عظيمة فدعت الله فرقى بروحها، فألقيت الصخرة على جسد لا روح فيه. وعن الحسن: فنجاها الله أكرم نجاة؛ فرفعها إلى الجنة فهي تأكل وتشرب وتتنعم فيها، وقيل: لما قالت: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ﴾ أريت بيتها في الجنة يبنى. وقيل: إنه من درة، وقيل: كانت تعذب في الشمس فتظلها الملائكة.
فإن قلت: ما معنى الجمع بين ﴿عِندَكَ﴾ و ﴿فِي الجَنَّةِ﴾؟
قلت: طلبت القرب من رحمة الله والبعد من عذاب أعدائه، ثم بنيت مكان القرب بقولها: ﴿فِي الجَنَّةِ﴾ أو أرادت ارتفاع الدرجة في الجنة، وأن تكون جنتها من الجنان التي هي أقرب إلى العرش وهي جنات المأوى، فعبرت عن القرب إلى العرش بقولها: ﴿عِندَكَ﴾. ﴿مِن فِرْعَوْنَ وعَمَلِهِ﴾ من عمل فرعون........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ما معنى الجمع بين ﴿عِندَكَ﴾، و ﴿في الجَنَّةِ﴾)، أي: المقام المعين عند الله في الآخرة الجنة فما معنى الجمع؟ وأجاب أولًا: أن ﴿في الجَنَّةِ﴾ غير متعلق بـ ﴿ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا﴾ بل هو بيان، كأنها حين قالت: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا﴾ قيل لها: أين؟ فقالت: ﴿في الجَنَّةِ﴾، نحوه قوله تعالى: ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ [يوسف: ٢٠] فإن ﴿فِيهِ﴾ بيان لما زهدوا فيه، أو أن مرادها بيان المقامات والمنازل، طلبت بقولها: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا في الجَنَّةِ﴾ القرب من رحمة الله، وبقولها: ﴿وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ﴾ الآية، البعد من أعدائه، ولا ارتياب أن القرب له مراتب لا تنحصر، فأدمجت بقولها: ﴿عِندَكَ﴾، تعني: أعلى المراتب وأقربها عند الله، فعلى هذا قوله: ﴿في الجَنَّةِ﴾ صفة بيتًا، أو ظرف لـ ﴿ابْنِ﴾.