والمعنى: خلق موتكم وحياتكم أيها المكلفون ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال صاحب "الفرائد": "لو كان الموت عدم الحياة استحال أن يكون مخلوقًا"، وقد قال بعد ذلك: "معنى خلق الموت والحياة، وإيجاد ذلك المصحح وإعدامه"، وهذا أيضًا منظور فيه.
وقال الإمام: "الحياة هي الصفة التي يكون الموصوف بها، بحيث يصح أن يعلم ويقدر".
واختلفوا في الموت، قيل: إنه عبارة عن عدم هذه الصفة، وقيل: صفة وجودية مضادة للحياة، لقوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ﴾؛ والعدم لا يكون مخلوقًا، وهذا هو التحقيق.
قوله: (خلق موتكم وحياتكم أيها المكلفون ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾)، الراغب: "أنواع الموت بحسب أنواع الحياة: الأول: ما [هو] بإزاء القوة النامية في الإنسان والحيوان والنبات، نحو: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ [الحديد: ١٧]، ﴿وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾ [ق: ١١]. الثاني: زوال القوة الحاسة، قال تعالى: ﴿يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا﴾ [مريم: ٢٣]، ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [الأنبياء: ٣٥]. والثالث: زوال القوة العاقلة، وهي الجهالة نحو: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ [الأنعام: ١٢٢]. الرابع: الحزن المكدر للحياة، نحو: ﴿وَيَاتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾ [إبراهيم: ١٧]. الخامس: المنام، فقد قيل: المنام موت خفيف، والموت نوم ثقيل، نحو: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ [الزمر: ٤٢]، وقوله: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: ٣٠]، قيل: [معناه] ستموت، تنبيها على أنه لا بد لكل أحد من الموت، وقيل: فيه إشارة إلى ما يعترى الإنسان في كل حال من التحلل، وأن البشر ما دام في الدنيا يموت جزءًا. وقد عبر قوم عن هذا المعنى بـ"المائت"، ورده علي بن عبد العزيز


الصفحة التالية
Icon