وسمى علم الواقع منهم باختيارهم "بلوى" وهي الخبرة استعارة من فعل المختبر. ونحوه قوله تعالى: ﴿ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنكُمْ﴾ [محمد: ٣١].
فإن قلت: من أين تعلق قوله: ﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ بفعل البلوى؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال: ليس في لغتنا "مائت" على حسب ما قالوا، وإنما يقال: موت مائت كقولك: شعر شاعر، وسيل سائل".
قوله: (وسمى علم الواقع منهم باختيارهم"بلوى") وهو من إضافة المصدر إلى المفعول، وقوله: "منهم" و"باختيارهم" متعلقان بـ"الواقع". قيل: إنه تعالى يعلم الأشياء قبل وقوعها أنها ستقع لا أنها واقعة، لأن ذلك لا يكون علمًا، وإذا وجد تعلق العلم بوجوده. والله تعالى خلق المكلفين يعلم ما يصدر منهم باختيارهم، فسمي هذا اختيارًا؛ لأنه إذا خلقهم ليعلم واقعًا ما، يعلم أنه يصدر باختيارهم، فكأنه تعالى اختبرهم بخلقه وابتلاهم. المعنى: ليعلم هذا المعنى واقعًا بعدما علم أنه سيحصل منهم.
والفلاسفة خذلهم الله، زعموا أن الله تعالى يعلم الجزئيات على وجه لا جزئي، والمسلمون يعتقدون أنه تعالى يعلم الجزئيات على وجه جزئي، أي عند وجودها يعلم أنها وجدت، وعند عدمها يعلم أنها عدمت، وقبل ذلك يعلم أنها ستوجد وستعدم، فالتغيير في المعلوم لا في العلم.
قوله: (استعارة)، نصب تمييز أو مفعول له، أو حال، أو مفعول مطلق، لما في قوله: "سمى"