وعن النبي ﷺ أنه تلاها، فلما بلغ قوله: ﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ قال: "أيكم أحسن عقلا، وأروع عن محارم الله، وأسرع في طاعة الله"، يعني: أيكم أتم عقلا عن الله وفهما لأغراضه؛ والمراد: أنه أعطاكم الحياة التي تقدرون بها على العمل وتستمكنون منه، وسلط عليكم الموت الذي هو داعيكم إلى اختيار العمل الحسن على القبيح، لأن وراءه البعث والجزاء الذي لابد منه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: وبالنظر إلى قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ [الأنعام: ١٥٣]، وقوله: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ [يوسف: ١٠٨]، قال المصنف: "والصواب أن يكون على السنة"، وأبى قبول العمل إلا بها وبالإخلاص. ويفهم منه: إذا راعى المكلف في أعماله الفرائض والواجب فقط ولم يكملها بالسنن، سقط عنه الفرض لكن لم يقبل منه لتخطيه الصواب؛ على ذلك ما روينا عن أبي داود عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر"، قالوا: وما العذر؟ قال: "خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى".
وفي الحديث دليل على وجوب حضور الجماعة، وأن لا رخصة في ترك الجماعة لأحد إلا من عذر. وقال عطاء: ليس لأحد من خلق الله في الحضر والقرية رخصة إذا سمع النداء، في أن يدع الصلاة: أي: في الجماعة. وقال الأوزاعي: لا طاعة للوالد في ترك الجمعة والجماعات.
وقال بعض أصحاب الشافعي: الجماعة فرض عل الكفاية لا على الأعيان، ولا يمتنع العبد عن الجماعة بغير علة. وقد سبق في سورة الجمعة مستوفى تحقيقه.
قوله: (أيكم أتم عقلا عن الله)، أي: أتم فهما لما يصدر عن جناب الله، وأكمل ضبطًا لما يأخذ عن خطابه، يدل عليه عطف قوله: "وفهما لأغراضه" على عقلًا"، على سبيل التفسير.