وتعاهدته وتعهدته، أي: من اختلاف واضطراب في الخلقة ولا تناقض؛ إنما هي مستوية مستقيمة.
وحقيقة التفاوت: عدم التناسب، كأن بعض الشيء يفوت بعضا ولا يلائمه، ومنه قولهم: خلق متفاوت، وفي نقيضه: متناصف.
فإن قلت: كيف موقع هذه الجملة مما قبلها؟
قلت: هي صفة مشايعة لقوله: ﴿طِبَاقًا﴾، وأصلها: ما ترى فيهن من تفاوت، فوضع مكان الضمير قوله: ﴿خَلْقِ الرَّحْمَنِ﴾ تعظيما لخلقهن، وتنبيها على سبب سلامتهن من التفاوت؛ وهو أنه خلق الرحمن، وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفي نقيضه: متناصف)، الجوهري: "تناصفوا، أي: أنصف بعضهم بعضًا من نفسه، قال:
أني غرضت إلى تناصف وجهها.... غرض المحب إلى الحبيب الغائب
يقال: غرضت إليه: أي اشتقت إليه، أي: بلغ استواء محاسن وجهها حدًا، كأن بعض أعضاء الوجه أنصف بعضًا في أخذ القسط من الجمال".
قوله: (وأنه بباهر قدرته)، أي: بقدرته الغالب الكامل، وذلك لأن "الرحمن" مرادف لاسم الله الأعظم في قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: ١١٠]، فيكون حكمه حكمه، فدل في مقام القدرة والخلق على كمالهما، فيكون في وضع


الصفحة التالية
Icon