فإن قلت: كيف ينقلب البصر خاسئا حسيرا برجعه كرتين اثنتين؟
قلت: معنى التثنية التكرير بكثرة، كقولهم: لبيك وسعديك، تريد إجابات كثيرة بعضها في إثر بعض، وقولهم في المثل "دهدرين سعد القين" من ذلك، أي: باطلا بعد باطل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإدراك العيب)، في كلامه إشعار بأن ﴿البَصَرَ﴾ الثاني في موضع المضمر، لقوله: "بل يرجع إليك"، أي: بصرك بما التمسته. الانتصاف: "معنى وضع المظهر موضع المضمر، أن الأبصار التي يدرك بما كل موجود ترجع خاسئة".
قوله: (دهدرين سعد القين) معنى التثنية هل يستنبط من انضمام "سعد القين" بـ"دهدرين"، أو من التثنية في "درين"؟ والوجهان محتملان، قال الميداني: قيل: "الأصل فيه أن العرب تعتقد أن العجم أهل مكر وخديعة، وكانوا يخالطونهم ويتجرون في الدر ولا يحسنون العربية، فوقع إليهم رجل معه خرزات سود وبيض وقال: دودر أي: نوعان من الدر، أو قال: عشرة منه بكذا، ففشوا عنه فوجدوه كاذبًا فيما زعم، فقالوا: ده درين، ثم ضموا إليه "سعد القين" لأنهم عرفوه بالكذب، حتى قالوا: إذا سمعت بسرى القين فإنه مصبح، فجعلوا اللفظين عبارة عن الكذب، وثنوا قولهم: "درين" لمزاوجة "القين"، فإذا أرادوا أن يعبروا ن الباطل تكلموا بهذا. وقال بعضهم: أصله: ده در، فثنوه، عبارة عن تضاعف معنى الباطل والمبالغة فيه، كما جمعوا أسماء الدواهي فقالوا: الأقورين والفتكرين، إشارة إلى اجتماع الشر فيه، وغيروا أوله عن الفتح إلى الضم، ليكونوا قد تصرفوا فيه بوجه ما.
" وموضع المثل نصب بإضمار "أعني" أو"أبصر"، ويجوز أن يكون رفعًا على الابتداء، أي:


الصفحة التالية
Icon