فإن قلت: فما معنى ﴿ثُمَّ ارْجِعِ﴾؟
قلت: أمره برجع البصر، ثم أمر بأن لا يقتنع بالرجعة الأولى وبالنظرة الحمقاء وأن يتوقف بعدها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنت صاحب هذه اللفظة، التقدير: أنت سعد القين، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين".
وفي بعض الحواشي: القين: الحداد، ويضرب به المثل في الكذب، ويقال: أكذب من قين، روي عن المصنف أنه قال: "الدهدر، والدهان: الباطل"، والمعنى: جئت يا سعد القين بباطل بعد باطل، وذلك مثل. يقال: أكذب من قين، وذلك لأنه سمى نفسه سعدًا كاذبًا، وكان حدادًا يطرف في القبائل، فإذا كسد سوقه كان يقول: أذهب الليلة، فيتسارعون إلى دفع أسلحتهم وآلاتهم ليصلحها، ويقبلون على التجارة معه خوفًا، فإذا فعلوا ذلك ونفقت سوقه امتنع عن الذهاب، وإنما يقول ذلك تخويفًا لهم، حتى قيل: إذا سمعت بسرى القين، فاعلم أنه مصبح. والأصل: سعد القين، بالرفع على الوصف، والقين: كل عمال بالحديد.
قوله: (وبالنظرة الحمقاء)، وهي النظرة الأولى، لأن الرؤية لا تصل في بدء الأمر إلى الوصف إلا على الإجمال ثم على التفصيل، ولهذا قيل: فلان لم يمعن النظر، وكذا سائر الحواس.
وإن السمع يدرك من تفاصيل الصوت في المرة الثانية، مل لم يدركها في الأولى، قال ابن المقرب:
إذا ما نساء الحي رحن فإنها.... لها النظرة الأولى عليهن والعقب
يقول: إنها النهاية في الجمال، لا تزداد في عين الرائي إلا حسنًا، لأن أول النظرة لا يميز بها الرائي حسن المرأة من قبحها، ومن أدام فيها النظر أمن من ذلك.