ويقولون: فلان يتميز غيظا ويتقصف غضبا، وغضب فطارت منه شقة في الأرض وشقة في السماء، إذا وصفوه بالإفراط فيه. ويجوز أن يراد: غيظ الزبانية. ﴿أَلَمْ يَاتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ توبيخ يزدادون به عذابا إلى عذابهم وحسرة إلى حسرتهم. وخزنتها: مالك وأعوانه من الزبانية ﴿قَالُوا بَلَى﴾ اعتراف منهم بعدل الله، وإقرار بأن الله عز وعلا أزاح عللهم ببعثة الرسل وإنذارهم ما وقعوا فيه، وأنهم لم يؤتوا من قدرة كما تزعم المجبرة؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القلب إرادة الانتقام"، ولذلك جاء: "اتقوا الغضب فإنه جمرة في قلب ابن آدم، ألم تر إلى انتفاخ أوداجه وحمزة عينيه".
قوله: (يتميز غيظًا ويتقصف غضبًا)، الراغب: "الميز والتمييز: الفصل بين المتشابهات، يقال: مازه يميزه ميزًا وميزه تمييزًا. والتمييز يقال تارة للفصل، وتارة للقوة التي في الدماغ، وبها تستنبط المعاني، ومنه يقال: فلان لا تمييز له، ويقال: انماز وامتاز، قال تعالى: ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ [يس: ٥٩]، وتميز كذا: انفصل وانقطع، قال: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ﴾ ".
قوله: (لم يؤتوا من قدره كما تزعم المجبرة)، يريد أن قولهم: ﴿بَلَى﴾ تقرير للمنفي، و ﴿قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ﴾ قول بالموجب، يعني أن الله تعالى ما أبقى من الإرشاد والهداية شيئًا إلا فعل وقولهم ﴿فَكَذَّبْنَا وقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ﴾، إقرار بأن التكذيب إنما نشأ من قبل أنفسهم.
تلخيصه: أنهم أتوا من قبل أنفسهم لا من قضاء الله وقدره.
واعلم أن الجواب والسؤال مبني على ظاهر الحال، وإثبات الكسب للعبد. وقولهم: ﴿لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ إثبات للقدر. قال الإمام: "احتج أصحابنا بهذه الآية في مسألة الهدى والضلال، قالوا: "لو" تفيد امتناع الشيء لامتناع غيره، فدلت الآية