[﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وإلَيْهِ النُّشُورُ﴾ ١٥].
المشي في مناكبها: مثل لفرط التذليل ومجاوزته الغاية؛ لأن المنكبين وملتقاهما من الغارب أرق شيء من البعير، وأنباء عن أن يطأه الراكب بقدمه ويعتمد عليه، فإذا جعلها في الذل بحيث يمشي في مناكبها لم يترك. وقيل: مناكبها: جبالها، قال الزجاج: معناه سهل لكم السلوك في جبالها، فإذا أمكنكم السلوك في جبالها فهو أبلغ التذليل. وقيل: جوانبها، والمعنى: وإليه نشوركم، فهو مسائلكم عن شكر ما أنعم به عليكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلم، إشعار بأن الخالق ينبغي أن يكون عالمًا بما يخلقه وبتفاصيله، وفيه إدماج لمعنى أن العبد غير خالق لأفعاله لأنه لا يعلمها في الأزل.
قوله: (في الذل)، الذل بالكسر: اللين وهو ضد الصعوبة، يقال: دابة ذلول بينة الذل والذل بالكسر: مصدر الذلول، والذل بالضم: مصدر الذليل.
قوله: (لم يترك)، أي: : لم يترك بقية من التذليل.
قوله: (وقيل: مناكبها جبالها)، فعلى هذا: المجاز في المناكب وهي الجبال وحدها، الأساس: "ومن المجاز: سرنا في منكب من الأرض والجبل: في ناحية". فقوله: ﴿ذَلُولاً﴾ تشبيه لذكر المشبه والمشبه به، أي: الأرض والذلول. وقوله: ﴿مَنَاكِبِهَا﴾: استعارة تمثيلية أو تحقيقية، لأن القصد الأرض، إما ناحيتها أو جبالها؛ فنسبة الذلول إليها ترشيح، ونسبة المشي تجريد.
الراغب: "المنكب: مجتمع ما بين العضد والكتف. ومنه استعير للأرض المنكب في قوله تعالى: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾، كما استعير لها الظهر في قوله: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [فاطر: ٤٥]، ومنكب القوم: رأس العرفاء، مستعار من الجارحة استعارة الرأس للرئيس، واليد للناصر".