ولذلك سميت: شعوب، قالوا: ننتظر به نوائب الزمان فيهلك كما هلك من قبله من الشعراء؛ زهير والنابغة.
﴿مِّنَ المُتَرَبِّصِينَ﴾ أتربص هلاككم كما تتربصون هلاكي.
﴿أَحْلامُهُم﴾ عقولهم وألبابهم. ومنه قولهم: أحلام عاد. والمعنى: أتأمرون أحلامهم بهذا التناقض في القول، وهو قولهم: كاهن وشاعر، مع قولهم: مجنون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقت حصوله، فالإنسان أبدًا في ريب المنون من جهة وقته، لا من جهة كونه، ولهذا قال الشاعر:
الناس قد علموا أن لا بقاء لهم.... لو أنهم عملوا مقدار ما علموا
والريبة اسم من الريب، قال تعالى: ﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١١٠] أي: يدل على دغل وقلة يقين منهم.
قوله: (ولذلك سميت: شعوب)، الضمير للموت وأنث بتأويل المنية. الجوهري: سميت المنية شعوب، لأنها تفرق، وهي معرفة لا يدخلها الألف واللام.
قوله: (أتأمرهم أحلامهم بهذا التناقض [في القول]، وهو قولهم: كاهن وشاعر، مع قولهم: مجنون)، يريد: أن "أم" في هذه الآيات منقطعة، والهمزة فيها للتقريع والتوبيخ، وبل في ﴿أَمْ تَامُرُهُمْ﴾ إضراب عن جميع ما حكي عن القوم من الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر أولًا، فذكر ﴿فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ ولا مَجْنُونٍ﴾، ردًا لقولهم: هو كاهن أو مجنون تسليًا له وتثبيتًا، ثم ترقى إلى قولهم: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ﴾ يعني: دعوا عن القول بأنه كاهن أو مجنون، بل هو شاعر نتربص به ريب المنون، لأن الشعراء كانوا عندهم أعظم حالًا من الكاهن،