﴿مَا زَاغَ﴾ بصر رسول الله ﷺ ﴿ومَا طَغَى﴾ أي أثبت ما رأى إثباتًا مستيقنًا صحيحًا، من غير أن يزيغ بصره عنه أو يتجاوزه، أو ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها ومكن منها، ﴿ومَا طَغَى﴾: وما جاوز ما أمر برؤيته.
﴿لَقَدْ رَأَى﴾ والله لقد رأى ﴿مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى﴾ الآيات التي هي كبراها وعظماها، يعني: حين رقي به إلى السماء فأري عجائب الملكوت.
[﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ والْعُزَّى * ومَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ ولَهُ الأُنثَى * تِلْكَ إذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إنْ هِيَ إلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ ومَا تَهْوَى الأَنفُسُ ولَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهُدَى﴾ ١٩ - ٢٣].
اللات والعزى ومناة: أصنام كانت لهم، وهي مؤنثات؛ فاللات كانت لثقيف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (رأى ﴿مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ﴾، الآيات التي كبراها)، قال أبو البقاء: ﴿الكُبْرَى﴾ هي مفعول ﴿رَأَى﴾، وقيل: هو نعت لـ ﴿آيَاتِ رَبِّهِ﴾، والمفعول محذوف، أي: شيئًا من آيات ربه الكبرى.
الانتصاف: ﴿الكُبْرَى﴾ صفة لـ ﴿آيَاتِ رَبِّهِ﴾ لا مفعول به، ويكون المرئي محذوفًا تعظيمًا له، ولأن في الآيات ما لم يره، وفيها ما رآه، وعلى الأول يكون مقتضاه أنه رأى الآيات الكبرى كلها على الشمول، فإن آيات الله لا يحيط بها أحد.
فإن قلت: علم أريد به الخصوص، قلت: فقد رجع إلى الأول بعد تكلف.
الإنصاف: ويجوز أن تكون ﴿الكُبْرَى﴾ مفردًا مفعولًا وجعل الإسراء وما رأى فيه من العجائب كالشيء الواحد، فلا يرد عليه سؤال صاحب "الانتصاف"، وعلى هذا أول الزمخشري قوله: ﴿لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾ الآية الكبرى من آياتنا.
قوله: (اللات والعزى ومناة: أصنام)، قال الزجاج: فلما قص هذه الأقاصيص،