بالطائف. وقيل: كانت بنخلة تعبدها قريش، وهي فعله من لوى؛ لأنهم كانوا يلوون عليها ويعكفون للعبادة. أو يلتوون عليها: أي يطوفون. وقرئ (اللات) بالتشديد، وزعموا أنه سمي برجل كان يلت عده السمن بالزيت ويطعمه الحاج. وعن مجاهد:
كان رجل يلت السويق بالطائف، وكانوا يعكفون على قبره، فجعلوه وثنًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل لهم: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ والْعُزَّى﴾ أي: اخبرنا عن هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله، هل لها من هذه القدرة والعظمة التي وصف بها رب العزة شيء؟ !
قلت: ونظير الآيات في هذا المعنى قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الرعد: ٣٣] إذ المعنى: أفالله الذي هو قائم رقيب على كل نفس صالحة وطالحة بما كسبتن يعلم خيره وشره، كمن ليس كذلك! ! أو لم يوحدوه وجعلوا له شركاء! ؟ إلى قوله: ﴿أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ أي: بل أتسمونهم شركاء بظاهر من القول، من غير أن يكون لذلك حقيقة، وهو معنى قوله: ﴿إنْ هِيَ إلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ﴾ ويمكن أن يقال: إنه تعالى لما رد طعن المشركين في النبي ﷺ بقوله: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ ومَا غَوَى﴾ وفي ما أنزل إليه بقوله: ﴿إنْ هُوَ إلاَّ وحْيٌ يُوحَى﴾ وقرر المعنى الثاني بقوله: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ إلى آخرها، حتى بلغ به الغاية القصوى، أخذ يبين ضلالتهم بقوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ والْعُزَّى﴾ إلى آخر الآيات، ووبخهم على غوايتهم، حيث جعلوا لله شركاء إناثًا، وسموها بأسامي لا حقيقة لها، أي: هذه الضلالة والغواية التي بلغت غايتها، ولذلك التفت من المخاطبة ناعيًا عليهم إلى الغيبة على الضلالة بعد مجيء الآيات البينات بقوله: ﴿إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ ومَا تَهْوَى الأَنفُسُ ولَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهُدَى﴾. والظاهر أن الواو للحال، وقد دخلت على الجملة القسمية مقررة لجهة الإشكال، ولهذا قال الواحدي: هذا التعجب من حالهم، حيث لم يتركوا عبادتها مع وضوح البيان، والله أعلم.