الخطاب لأهل مكة، (شَاهِدًا عَلَيْكُمْ) يشهد عليكم يوم القيامة بكفركم وتكذيبكم.
فإن قلت: لم نكر الرسول ثم عرف؟ قلت: لأنه أراد: أرسلنا إلى فرعون بعض الرسل، فلما أعاده، وهو معهود بالذكر أدخل لام التعريف إشارة إل المذكور بعينه. (وبِيلاً) ثقيلاً غليظاً، من قولهم: كلأ وبيل: وخم لا يستمرأ لثقله. والوبيل: العصا الضخمة، ومنه الوابل للمطر العظيم.
[(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيبًا • السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وعْدُهُ مَفْعُولاً) ١٧ - ١٨]
(يَوْمًا) مفعول به، أي: فكيف تقون أنفسكم يوم القيامة وهو له، إن بقيتم على الكفر، ولم تؤمنوا وتعملوا صالحاً. ويجوز أن يكون ظرفاً، أي: فكيف لكم بالتقوى في يوم القيامة إن كفرتم في الدنيا، ويجوز أن ينتصب ب- «كفرتم» على تأويل جحدتم، أي: فكيف تتقون الله وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة والجزاء؛ لأن تقوى الله خوف عقابه. (يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيبًا) مثل في الشدة، يقال في اليوم الشديد: يوم يشيب نواصي الأطفال، والأصل فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: فكيف تتقون الله وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة)، يعني: إذا جحدتم يوم القيامة وأنكرتموه فلا تعتقدون العقاب، فلا يكون لكم خشية ولا تقوى.
وهذا الوجه أوفق للتأليف، يعني: حوّقناكم بالأنكال والجحيم، وأرسلنا إليكم رسولاً شاهداً يوم القيامة بكفركم وتكذيبكم، وأنْذرناكم بما فعلنا بفرعون من العذاب الوبيل والأخذ الثقيل، فما نجع فيكم ذلك كله ولا اتَّقيتم الله، فكيف تتقونه وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة والجزاء؟ وفيه: أنّ ملاك التقوى والخشية الإيمان بيوم القيامة.