وعن الزهري: أول ما نزل سورة (اقْرا بِاسْمِ رَبِّكَ) إلى قوله (مَا لَمْ يَعْلَمْ)، فحزن رسول الله ﷺ وجعل يعلو شواهق الجبال، فأتاه جبريل فقال: إنك نبي الله، فرجع إلى خديجة وقال: دثروني وصبوا علي ماء بارداً، فنزل: (يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ).
وقيل: سمع من قريش ما كرهه فاغتم، فتغطى بثوبه مفكراً كما يفعل المغموم، فأمر أن لا يدع إنذارهم وإن أسمعوه وآذوه. وعن عكرمة أنه قرأ على لفظ اسم المفعول، من دثره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: الله حكم عدل؛ فالمعنى مطابق لما روينا عن الأئمة: فإذا هو قاعد على العرش.
قوله: (شَواهِقَ الجبال)، الجوهري: "شَهِقَ يَشْهَقُ، أي: ارتفع. والشاهق: الجبل المرتفع". والصحيح أن هذه الحالة إنما ظهرت عند فترة الوحي، على ما روينا عن البخاري، عن عائشة في حديث طويل، قال: "وفَتَرَ الوحي فترة، حتى حزن النبي؟، فيما بلغنا حزناً شديداً، غدا منه مراراً حتى يتردّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يُلقي نسفه منه، تبدّى له جبريل: فقال: يا محمد، إنّك لرسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه، وتَقَرُّ نفسه فيرجع" الحديث. حِرا: ممدود، مُنصرف على التذكير، غير مُنصرف على التأنيث.
قوله: (على لفظ اسم المفعول)، أي: "المدثر"، بفتح الثاء. قال في "المزمل": "قُرئ: "المزمل"، بتخفيف الزاي وفتح الميم، من: زُمِّلَه، وهو الذي زَمَّله غيرزه". وإليه الإشارة بقوله: كما قال في "المزَّمِّل".