وقال: دثرت هذا الأمر وعصب بك، كما قال في المزمل: قم من مضجعك، أو قم قيام عزم وتصميم (فَأَنذِرْ) فحذر قومك من عذاب الله إن لم يؤمنوا. والصحيح أنّ المعنى: فافعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد (ورَبَّكَ فَكَبِّرْ) واختص ربك بالتكبير، وهو الوصف بالكبرياء؛ وأن يقال: الله أكبر.
ويروى أنه لما نزل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر» فكبرت خديجة وفرحت، وأيقنت أنه الوحي؛ وقد يحمل على تكبير الصلاة، ودخلت الفاء لمعنى الشرط كأنه قيل: وما كان فلا تدع تكبيره. (وثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) أمر بأن تكون ثيابه طاهرة من النجاسات؛ لأن طهارة الثياب شرط في الصلاة لا تصح إلا بها، وهي الأولى والأحب في غير الصلاة، وقبيح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبثاً. وقيل: هو أمر بتقصيرها، ومخالفة العرب في تطويلهم الثياب وجرهم الذيول، وذلك ما لا يؤمن معه إصابة النجاسات. وقيل: هو أمر بتطهير النفس مما يستقذر من الأفعال ويستهجن من العادات. يقال: فلان طاهر الثياب وطاهر الجيب والذيل والأردان، إذا وصفوه بالنقاء من المعايب ومدانس الأخلاق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو قُم قيام عزم وتصميم)، نحوه قال في "المزَّمِّل": "تَزمّل في قطيفته، واستعداده للاستثقال في النوم، كما يفعل من لا يُهِمه أمر ولا يَعنيه شأن".
قوله: (فافعل الإنذار)، أي: أَنذِر، حُذف مفعوله، وأُجري مجرى اللازم.
قوله: (وما كان فلا تدع تكبيره)، أي: أيُّ شيء حدث ووقع فلا تترك تكبيره، ونحوه قولك: زيداً فاضربه.
قوله: (وقيل: هو أمر بتطهير النفس)، وأنشد الراغب:


الصفحة التالية
Icon