وفلان دنس الثياب للغادر؛ وذلك لأن الثوب يلابس الإنسان ويشتمل عليه، فكني به عنه، ألا ترى إلى قولهم: أعجبني زيد ثوبه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثياب بني عَوف طهارى نَقيّةٌ
وقال: "أصل الثوب الرجوع إلى الحالة الأولى التي كان عليها، أو إلى الحالة المقدرة المقصودة بالفكرة، وهي الحالة المشار إليها بقوله: أول الفكرة آخر العمل، فمن الرجوع إلى الحالة الأولى: ثاب فلان إلى داره، ومن الرجوع إلى الحالة المقدرة المقصودة بالفكرة الثَّوب، سمّي بذلك لرجوع الغزل إلى الحالة التي قُدِّر لها، وكذا ثوب العمل.
والثواب: ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله؛ فسمّي الجزاء ثواباً تصوراً أنه هو هو، ألا ترى كيف جعل الجزاء نفس الفعل في قوله: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧]، ولم يقل: جزاءه. والثواب يقال في الخير والشر، لكن الأكثر المتعارف عليه في الخير، وكذلك المثوبة؛ وعلى طريق الاستعارة، يقال في الشر كاستعارة البشارة فيه".
قوله: (فكُنّيَ به عنه)، أي: فكنّى بالثوب عما يلابس مما يستقذر من الأفعال.