كما يقولون: أعجبني زيد عقله وخلقه، ويقولون: المجد في ثوبه، والكرم تحت حلته؛ ولأن الغالب أن من طهر باطنه ونقاه، عني بتطهير الظاهر وتنقيته، وأبى إلا اجتناب الخبث وإيثار الطهر في كل شيء. (والرُّجْزَ) قرئ بالكسر والضم، وهو العذاب، ومعناه: اهجر ما يؤدي إليه من عبادة الأوثان وغيرها من المآثم. والمعنى: الثبات على هجره؛ لأنه كان بريئاً منه.
[(ولا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ • ولِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) ٦ - ٧]
قرأ الحسن: «ولا تمنّ»، (تَسْتَكْثِرُ) مرفوع منصوب المحل على الحال، أي: ولا تعط مستكثراً رائياً لما تعطيه كثيرا، أو طالباً للكثير؛ نهى عن الاستغزار: وهو أن يهب شيئاً وهو يطمع أن يتعوض من الموهوب له أكثر من الموهوب، وهذا جائز. ومنه الحديث: «المستغزر يثاب من هبته»، وفيه وجهان، أحدهما: أن يكون نهياً خاصاً برسول الله صلى الله عليه وسلم؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (المجد في ثوبه، والكرم تحت حُلته)، قال صاحب "المفتاح": "قولهم: المجد بين ثوبيه، والكرم بين بُرديه: من الكناية المطلوب بها تخصيص الصفة بالموصوف". أراد القائل أن لا يُصرح بتخصيص المجد والكرم بالممدوح، فجعلهما بين ثوبيه وبُرديه، تنبيهاً بذلك على أن محلهما الثوبان والبُردان، وهما مُشتملان على الممدوح، فتم غرضه بذلك.
قوله: (﴿وَالرُّجْزَ﴾ قُرئ بالضم والكسر)، بالضم: حفص وحده.
قوله: (المستغرز يُثاب من هبته)، النهاية: "روي عن بعض التابعين: المستغزر: الذي يطلب أكثر مما يُعطي، أي: إذا أهدى لك الغريب شيئاً، يطلب أكثر منه، فأعطه في مُقابلة


الصفحة التالية
Icon