ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال صاحب "الفرائد": "لما كان العسير الذي جعل صفة لليوم، صفة للأمر الواقع فيه على الإسناد المجازي، نحو: نهاره صائم، جعل وقت النَّقر ظرفاً، باعتبار ان المراد منه العُسر على الكفار.
وقيل: لا يمكن جعل قوله: "وقوع ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ [ظرفاً لـ] ﴿يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾ "، خبراً لقوله ﴿فَذَلِكَ﴾، ولا بد من تقدير مضاف، إذ المعنى: زمان النقر يومئذٍ زمان وقوع ﴿يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾، لأنه لا يمكن جعل ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ ظرفاً لما بعده، لأنه يلزم إعمال المصدر، الذي هو المضاف إليه فيما قبل المضاف وفيه نظر، لأن لفظة ﴿ذَلِكَ﴾ إشارة إلى نقر الناقور لا إلى زمان النقر، فيصح حينئذ وقوع ﴿يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾ خبراً لـ ﴿ذَلِكَ﴾، و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ ظرفاً له، وإليه الإشارة بقوله: "لأن يوم القيامة يأتي ويقع حين ينقر في الناقور".
فإن قيل: نقر الناقور سبب لوقوع يوم القيامة، لا نفس وقوعه؟ قلت: سببيته لاتنافي ظرفيته كما قال المصنف في آخر سورة "الأحقاف": "لاستواء مؤدى التعليل والظرف في قولك: ضربته لإساءته، وضربته إذا أساء".
قال صاحب "الكشف": " ﴿ذَلِكَ﴾: ابتداء، وهو إشارة إلى المصدر، أي: فذلك النقر، وهو العامل في ﴿يَوْمَئِذٍ﴾. و ﴿يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾ خبر المبتدأ، والمضاف مُقدر، أي: فذلك النقر في ذلك الوقت نقر يوم عسير. و ﴿عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ مُتعلق بـ ﴿عَسِيرٌ﴾ لا بـ ﴿يَسِيرٍ﴾، لأن ما يعمل فيه المضاف إليه، لا يتقدم على المضاف، على أنهم قالوا: إن "غيراً" في حكم حرف النفي، فيجوز أن يعمل ما بعده فيما قبله. وأجازوا: أنت زيداً غير ضارب، حملاً على: أنت زيداً لا ضارب".