ويجوز أن يكون (يَوْمَئِذٍ) مبنياً مرفوع المحل بدلا من (ذَلِكَ)، و (يَوْمٌ عَسِيرٌ) خبر، كأنه قيل: فيوم النقر يوم عسير.
فإن قلت: فما فائدة قوله: (غَيْرُ يَسِيرٍ)، و (عَسِيرٌ) مغن عنه؟
قلت: لما قال: (عَلَى الكَافِرِينَ) فقصر العسر عليهم، قال: (غَيْرُ يَسِيرٍ) ليؤذن بأن لا يكون عليهم كما يكون على المؤمنين يسيراً هيناً، ليجمع بين وعيد الكافرين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال أبو البقاء: "إذا: ظرف، والعامل ما دل عليه ﴿فَذَلِكَ﴾، لأنه إشارة إلى النقر. و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ بدل من ﴿إِذَا﴾، و ﴿ذَلِكَ﴾ مبتدأ، والخبر ﴿يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾. العامل فيه ما دل عليه ﴿عَسِيرٌ﴾، أي: تعسير، ولا يعمل فيه نفس ﴿عَسِيرٌ﴾، لأن الصفة لا تعمل فيما قبلها. يخرج على قول الأخفش، وهو أن يكون ﴿إِذَا﴾ مبتدأ، والخبر ﴿فَذَلِكَ﴾، والفاء زائدة. وأما ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ فظرف لـ ﴿ذَلِكَ﴾ ".
وقلت: قد سبق غير مرة أن الشرط والجزاء إذا اتحدا معنى، دل على فخامة الجزاء، وكان الجزاء متضمناً للإخبار أو التوبيخ، وها هنا المشار إليه بقوله: فذلك الذي هو الجزاء، نفس الشرط الذي هو وقت النقر، وانضم معه تكرير ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ و ﴿يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾، فدل على التنبيه على الخطب الجليل والأمر العظيم.
قوله: (ويجوز أن يكون ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ مبنياً مرفوع المحل)، قال الزجاج: "إنما بُنِيَ ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ على الفتح، لإضافته إلى إذْ، لأنها غير مُتمكنة".
قوله: (فقصر العُسر عليهم)، لم يُرَد به القصر الاصطلاحي، بل يراد به تخصيص إيقاع ذكر العُسر عليهم. وعن بعضهم: نظيره قوله تعالى: ﴿لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ﴾ [الواقعة: ٤٤]، من


الصفحة التالية
Icon