وزيادة غيظهم وبشارة المؤمنين وتسليتهم، ويجوز أن يراد أنه عسير لا يرجى أن يرجع يسيرا، كما يرجى تيسر العسير من أمور الدنيا.
[(ذَرْنِي ومَنْ خَلَقْتُ وحِيدًا • وجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدودًا • وبَنِينَ شُهُودًا • ومَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا • ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ • كَلاَّ إنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا • سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا • إنَّهُ فَكَّرَ وقَدَّرَ • فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ • ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ • ثُمَّ نَظَرَ • ثُمَّ عَبَسَ وبَسَرَ • ثُمَّ أَدْبَرَ واسْتَكْبَرَ • فَقَالَ إنْ هَذَا إلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ • إنْ هَذَا إلاَّ قَوْلُ البَشَرِ) ١١ - ٢٥]
(وحِيدًا) حال من «الله» عز وجل على معنيين، أحدهما: ذرني وحدي معه، فأنا أجزيك في الانتقام منه عن كل منتقم، والثاني: خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد. أو حال من المخلوق على معنى: خلقته وهو وحيد فريد لا مال له ولا ولد، كقوله: (ولَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) [الأنعام: ٩٤].
وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي، وكان يلقب في قومه بالوحيد، ولعله لقب بذلك بعد نزول الآية؛ فإن كان ملقباً به قبل،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيث إنه تعريض بظل الجنة، وهذا غيظ لهم. والفرق أن القرينة الثانية على الأول استُجلبت بإثبات حكم مغني مغاير للمذكور، وعلى الثاني بإرادة استمرار الحكم الثابت تفريعاً.
قوله: (أنه عسير لا يُرجى)، قال أبو البقاء: " ﴿عَلَى﴾ مُتعلق بـ ﴿عَسِيرٌ﴾، أو هي نعت له، أو حال من الضمير الذي فيه، أو متعلق بـ ﴿يَسِيرٍ﴾، أو بما دل عليه".
قوله: (فأنا أجزيك في الانتقام منه عن كل منتقم)، إشارة إلى المعنى الذي سبق في قوله: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي النَّعْمَةِ﴾ [المزمل: ١١].


الصفحة التالية
Icon